بسم الله الرحمن الرحيم
اقدم لكم هذه المدونة المتواضعة التي تقدم مواضيعا عن الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف . و تحتوي هذه المدونة المتواضعه على مواضيع قيمة لا يستغني عنه الموالي لاهل البيت عليهم السلام .

سيرته و احكامه عند قيامه

بسم الله الرحمن الرحيم
واما سيرته (عليه السلام) عند قيامه وطريقة احكامه وما يبينه اللّه تعالى من آياته، فقد جاءت الآثار به حسب ما قدمناه فروى المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت ابا عبد اللّه جعفر بن محمد (عليهما السلام)، يقول: اذا أذن اللّه تعالى للقائم في الخروج، صعد المنبر، فدعا الناس الى نفسه وناشدهم باللّه ودعاهم الى حقه، وان يسير فيهم بسنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ويعمل فيهم بعمله، فيبعث اللّه جل جلاله جبرائيل (عليه السلام) حتى يأتيه فينزل على الخطيم يقول الى أي شيء تدعو؟ فيخبره القائم (عليه السلام)، فيقول جبرائيل أنا أول من ابايعك، ابسط يدك فيمسح على يده وقد وافاه ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، فيبايعونه ويقيم بمكة حتى يتم اصحابه عشرة آلاف نفس، ثم يسير منها الى المدينة.

وروى محمد بن عجلان، عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) دعا الناس الى الإِسلام جديداً، وهداهم الى امر قد
320

دثر(1) فضل عنه الجمهور وانما سمي القائم مهدياً لأنه يهدي الى أمر مضلول عنه ( قد ضلوا عنه خ د) وسمي بالقائم لقيامه بالحق.

وروى عبد اللّه بن المغيرة، عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: اذا قام القائم من آل محمد (عليهم السلام)، اقام خمسمئة من قريش، فضرب اعناقهم ثم أقام خمسمئة اخرى فضرب اعناقهم، ثم خمسمئة اخرى، حتى يفعل ذلك ست مرات، قلت ويبلغ عدد هؤلاء هذا، قال نعم منهم ومن مواليهم.

وروى ابو بصير، قال: قال ابو عبد اللّه (عليه السلام): اذا قام القائم (عليه السلام) هدم المسجد الحرام حتى يرده الى أساسه، وحول المقام الى الموضع الذي كان فيه، وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة. وكتب عليها هؤلاء سراق الكعبة.

وروى ابو الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام)، في حديث طويل، أنه قال: اذا قام القائم (عليه السلام) سار الى الكوفة فخرج منها بضعة عشر الف نفس يدعون البترية(2)، عليهم السلاح، فيقولون له ارجع من حيث شئت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتي يأتي على آخرهم، ثم يدخل الكوفة، فيقتل بها كل منافق مرتاب، ويهدم قصورها ويقتل مقاتلها، حتى يرضي اللّه عز وعلا.

وروى ابو خديجة، عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: اذا قام القائم (عليه السلام) جاء بامر جديد، كما دعا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) في بدء الإِسلام الى امر جديد.


_____________________

(1) أي اندرس.

(2) البترية بضم الباء: فرقة من الزيدية قائلون بامامة ابي بكر وعمر وان اخطأت الأمة في البيعة لهما مع وجود علي (عليه السلام) لكنه خطأ ليس على درجة الفسق وتوقفوا في عثمان، ولعل المذكورين قوم من اعقابهم يسمون بهم، اذ من عقائد البترية بل مطلق الزيدية الخروج مع من ولده علي بن ابي طالب بادعائه الإِمامة.

321

وروى علي بن قبة، عن ابيه، قال: اذ قام القائم (عليه السلام) حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كل حق الى أهله، ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإِسلام، ويعرفوا بالإِيمان، اما سمعت اللّه سبحانه يقول: (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً، وكرهاً، واليه يرجعون)، وحكم بين الناس بحكم داود وحكم محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم)،، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعاً لصدقته، ولا لبره، لشمول الغنى جميع المؤمنين، ثم قال: إن دولتنا آخر الدول ولم يبق اهل بيت لهم دولة الا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا اذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة (بسيرة خ د) هؤلاء وهو قول اللّه تعالى والعاقبة للمتقين.

وروى ابو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل، انه قال: اذا قام القائم (عليه السلام) سار الى الكوفة، فهدم بها اربعة مساجد، ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شرُف(1) الا هدمها، وجعلها جُمّاً(2) ووسع الطريق الاعظم، وكسر كل جناح(3) خارج في الطريق، وابطل الكنف والمآزيب(4) ولا يترك بدعة الا أزالها ولا سنة الا أقامها، ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم، فيمكث على ذلك سبع سنين، كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه، ثم يفعل اللّه ما يشاء، قال: قلت له جعلت فداك، فكيف يطول السنين؟ قال يأمر اللّه تعالى الفلك باللبوث(5) وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون، قال: قلت له انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد قال ذلك قول الزنادقة، فاما المسلمون فلا سبيل لهم الى ذلك،

________


_____________________

(1) جمع شرفة بضم الشين وهو من القصر ما اشرف من بنائه.

(2) جمع اجم وهو البناء الذي ليس له شرف.

(3) وهو ما خرج من البناء عن اصوله في الشارع.

(4)الكنف: جناح الابنية، والمآزيب هي مجاري الماء من السطح.

(5) أي التوقف.

322

وقد شق اللّه تعالى القمر لنبيه (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون (عليه السلام)، وأخبر بطول يوم القيامة وأنه كالف سنة مما تعدون.

وروى جابر، عن ابي جعفر (عليه السلام)، انه قال: اذا قام قائم آل محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ضرب فساطيط(1) لمن يعلّم الناس القرآن، على ما انزل اللّه عز وجل، فاصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف.

وروى المفضل بن عمر، عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: يخرج مع القائم (عليه السلام) من ظهر الكوفة سبع وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحق، وبه يعدلون، وسبعة من اهل الكهف ويوشع بن نون، وسليمان، وابو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه انصاراً وحكاماً.

وروى عبد اللّه بن عجلان عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: اذا قام قائم آل محمد (صلى اللّه عليه وآله وسلم) حكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام)، ولا يحتاج الى بينة، يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم.

قال اللّه سبحانه ان في ذلك لآيات للمتوسمين وانها لَبِسَبيلٍ مقيم. انتهى.

ولنختم الكلام: بهذا الدعاء المروي عن الإِمام الهمام، موسى بن جعفر، صلوات اللّه عليه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، وعلى منارك في عبادك، الداعي اليك باذنك القائم بأمرك، المؤدي عن رسولك، عليه وآله السلام، اللهم اذا اظهرته فانجر له ما وعدته، وسق اليه


_____________________

(1) جمع فسطاط وهو البيت من شعر.

323

اصحابه، وانصره وقوّ ناصريه، وبلغه افضل امله واعطه سؤله، وجدد به عن محمد وأهل بيته، (عليهم السلام) بعد الذل الذي قد نزل بهم، بعد نبيك فصاروا مقتولين، مطرودين، مشردين، خائفين، غير آمنين، لَقُوا في جنبك الاذى والتكذيب، ابتغاء مرضاتك، وطاعتك، فصبروا على ما اصابهم فيك، راضين بذلك مسلمين لك، في جميع ما ورد عليهم وما يرد اليهم، اللهم عجل فرج قائمهم بأمرك، وانصره وانصر به دينك، الذي غُيِّر وبدل، وجدد به ما امتحى منه وبدل بعد نبيك (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، اللهم صلِّ على جميع النبيين، والمرسلين الذين بلغوا عنك الهدى واعتقدوا لك المواثيق بالطاعة، اللهم صل عليهم وعلى ارواحهم واجسادهم والسلام عليهم ورحمة اللّه وبركاته).

وفيما رسمناه من موجز تاريخهم (عليه السلام) ومختصر من اخبارهم كفاية فيما قصدناه، واللّه ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل. كتبه بيمناه الوازرة عباس بن محمد رضا القمي في ليلة الجمعة الآخر من شهر رمضان سنة 1343 في المشهد المقدس على ساكنه السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق