السفير الأول: عثمان بن سعيدالمكنّى بأبي عمر.
الملقب بالعمري، السَمّان، الزَيّات، الأسَدي، العَسْكري.
وكان يُلقَّب بـ ((السَمَّان)) و ((الزَيَات)) لأنه كان يتَّجر بالسَمْن والزيت، تغطيةً على مقامه، وتقيةً من السلطة، فكان الشيعة يحملون إليه الأموال والرسائل، فيجعلها في جِراب السَمن وزِقاقه ــ كي لا يعلم بذلك أحد ــ ويبعثها إلى الإمام.
لقد كان للعمري شرفُ خُدْمة الإمام الهادي عليه السلام يومَ كان عمْره إحدى عشرة سنة، وهذا يدلُّ على ما كان يَتمتَّع به من الذكاء، والعقل، والرُشْد الفِكْري المُبكِّر، والمؤهِّلات التي منها العدالة والوثاقة والأمانة، والله يَختَصُّ برحمته مَنْ يشاء.
رُوي عن أحمد بن إسحاق قال: سألت الإمام الهادي عليه السلام وقلت: مَنْ أُعامِل؟ وعمَّنْ آخُذ؟ وقَولَ مَنْ أقبَل؟
فقال الإمام: ((العْمري ثِقَتي، فما أدّى إليك عنِّي فَعَنِّي يؤدّي، وما قالَ لكَ عنِّي فَعَني يقول، فاْسمَعْ له وأطِعْ، فإنَّه الثِقَة المأمون)).
و ــ بعد وفاة الإمام الهادي(ع) زادَ الله العمْريَّ شَرَفاً على شرفه، إذْ صار وكيلاً للإمام العسكري(ع) أيضاً.
فقد رَوي عن الإمام الحسن العسكري(ع) أنَّه قال ــ لأحمد بن إسحاق ــ: ((العمْري واْبُهُ ثِقَتان، فما أدَّيا إليكَ عنِّي فَعَنِّي يُؤدِّيان، وما قالا لك فَعَنِّي يقولان، فاسمَعْ لهما وأطِعْهُما، فإنَّهما الثَقَتان المأْمُونان)).
وقد كَتَب الإمام العسكري(ع) كتاباً مفصَّلاً إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، نقتطف منه كلمةً تتعللق بالمترجَم لَه: ((... فلا تَخْرُجَنَّ مِن البَلْدة حتى تَلقى العمْري (رَضِيَ الله عنه بِرِضايَ عنه) وتُسلِّم عليه وتَعْرفه ويَعرفك، فإنَّه الطاهر الأمين، والعفيف، القريب مِنّا وإلينا...))
وروي عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله السجستاني، قالا: دَخَلْنا على أبي محمد الحسن(ع) بِسُرَّ مَنْ رأى، وبين يديه جماعة مِن أوليائه وشيعته، حتى دخل بَدْرٌ خادمُه، فقال: يا مولاي.. بالباب قومٌ شُعْثٌ غُبْر فقال لهم (أي: قال الإمام الحسن لبَدْر: (فاْمضِ فأْتِنا بعثمان بن سعيد العمْري). فما لَبِثنْا إلاّ يسيراً حتى دخل عثمان، فقال له سيِّدُنا أبو محمد(ع): (إمضِ يا عثمان فإنَّكَ الوكيل، والثِقَة المأْمون على مالِ الله، واْقبِضْ مِن هؤلاء النَفَر اليمَنِيَّين ما حَملوه مِن المال)....
ثم قُلنا ــ بأجْمَعِنا ــ: يا سيِّدنا.. والله إنَّ عثمان بن سعيد لَمنْ خِيار شِيعتِكَ، ولقد زِدْتَنا عِلْماً بموضعه مِن خُدْمَتِكَ، وإنَّه وكيلك وثِقَتك على مال الله)؟
قال(ع): (نعم.. واشْهَدوا على أنَّ عثمان بن سعيد العمْري وَكيلي، وأنَّ إبْنَه محمداً وكيلُ إبني: مهْديِّكم).
وروي عن جماعة من الشيعة، منهم: علي بن بلال، وأحمد بن هلال، والحسن بن أيوب، وغيرهم ــ في خبرٍ طويلٍ مشهور ــ قالوا جميعاً:
إجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري(ع) نَسْأَله عن الحُجَّة مِن بعده، وفي مَجْلسِه أربعون رجلاً، فقام إليه عثمان بن سعيد العمْري فقال له: يا بن رسول الله أُريدُ أنْ أسألكَ عن أمْرٍ أنتَ أعْلمُ به مِنِّي؟
فقال الإمام(ع): أُخْبركم بما جِئتُم؟
قالوا: نعم يا بن رسول الله.
قال: (جِئتُم تَسألوني عن الحُجَّة مِن بعدي).
قالوا: نعم.. فإذا غلام كأنَّه قِطْعَة قَمَر، أشْبَه الناس بأبي محمد (العسكري).
فقال: (هذا إمامكم مِن بعدي، وخَليفتي عليكم، أطيعوه، ولا تَتَفرَّقوا مِن بعدي فَتَهلكوا في أدْيانكم.
ألا: وإنكم لا تَرَوْنه بعد يومكم هذا حتى يَتُمَّ له عُمْر، فاْقبَلوا مِن عثمان ما يقوله، واْنتَهوا إلى أمْرِه، واْقبلوا قوله..).
كما وان الإمام العسكري (عليه السلام) كان قد أمر العمري بعد ولادة الإمام المهدي(عج) ــ أنْ يَشتري آلاف الأرطال مِن اللحم والخُبز، ويُوزِّعها على الفُقراء، ويَعقَّ عدداً مِن الأغنام عن وَلَدِه الإمام المهدي(عج).
وكان العمْري يَسكن في بغداد، ويُكثِر السَفَر إلى سامراء لِيلتقي بالإمامين: الهادي والحسن العسكري(ع).
ويُستفاد مِن بعض الروايات أن العمْري حضَرَ تَغْسيل الإمام العسكري(ع) وتَحْنيطه وتَكْفينه ودَفنه. ولا نقول: إنَّه باشَرَ ذلك بنفسه، فالإمام لا يُغَسِّلُه إلاّ الإمام كما هو ثابت. ولا يُهمُّنا إنْ كان التاريخ أهَمَلَ قضية تَغْسيل الإمام المهدي أباه، ولم يتعرَّض لذلك، فالعقيدة ثابتة.. سواء ذَكَرَ التاريخُ ذلك.. أو لم يَذْكُره.
وبعد وفاة الإمام الحسن العسكري(ع) أبقى الإمامُ المهدي(عج) العمْريَّ على وكالته، وعلى هذا.. يُعتبر العمْري النائب الأول للإمام المهدي (عج).
وهكذا.. كان العمْري هَمْزَةَ وَصْلّ بين الإمام المهدي وشيعته، في مُراسَلاتهم وقضاياهم، وصَلِّ مَشاكِلهم.
ويَعلَمُ الله تعالى عدد لقاءاته مع الإمام المهدي(عج) وتَشَرُّفه بالمثول بين يديه، ويَعلم الله كيفية تلك اللقاءات مقدارها يومياً؟ أُسبوعياً؟ شَهْرياً؟ أو حسب الظروف والحاجة، في حين كان الملايين مِن الشيعة محرومين عن هذا الشَرَف، وفاقِدين لهذا التوفيق.
نعم... إنَّ الأمانة والمصلحة كانتا تَفْرضان على العمْري أنْ لا يَبوح بهذا السِرّ للناس، ليبقى السِرُّ مكتوماً ويُدفَن مع صاحبه.
وقد رُويَ أنَّ عبد الله بن جعفر إلتقى بالعمْري ــ بعد وفاة الإمام الحسن العسكري(ع) ــ فأقسَمَ على العمْري وحَلَّفَه قائلاً: فأسألك بحقِّ الله وبحقِّ الإمامين الذَين وثَّقاك هل رأيتَ إبنَ أبي محمد الذي هو صاحبُ الزمان؟
فبكى العمْري مِن هذا الإحراج، واشتَرطَ على عبد الله بن جعفر أنْ لا يخبر بذلك أحداً ما دام العمْري حَيّاً، وقال: قد رأيتُه(ع)... إلى آخركلامه.
وخلاصة الكلام: إنَّ العمْري كان مِن النَوابغ... فِكراً وعقلاً، أضِفْ إلى ذلك مَزاياه الخاصَّة كالتقوى والوَرَع والأمانة، وغيرها مِن الصفات التي جعلَتْه أهْلاً للنيابة الخاصَّة والوكالة العامَّة، فالعمرْري كان مَغْموراً بالسعادةِ وشَرَفِ خِدْمة الأئمة (ع) قبل أنْ يَبلُغ الحُلُم، إلى أنْ فارَقَ حياته السعيدة المبارَكة.
ومِن الواضح أنَّ الأئمة الثلاثة " الهادي والعسكري والحجة" (سلامُ الله عليهم) إنما انتخبوه واختاروه لهذا المنصب الخطير والمكانة السّامية لوجود المؤهلات فيه.
ولقد أمَرَه الإمامُ المهدي(عج) أنْ ينصِب وَلَدَه محمد بن عثمان مِن بعْدِه، ليتولّى الأمور بعده.
الملقب بالعمري، السَمّان، الزَيّات، الأسَدي، العَسْكري.
وكان يُلقَّب بـ ((السَمَّان)) و ((الزَيَات)) لأنه كان يتَّجر بالسَمْن والزيت، تغطيةً على مقامه، وتقيةً من السلطة، فكان الشيعة يحملون إليه الأموال والرسائل، فيجعلها في جِراب السَمن وزِقاقه ــ كي لا يعلم بذلك أحد ــ ويبعثها إلى الإمام.
لقد كان للعمري شرفُ خُدْمة الإمام الهادي عليه السلام يومَ كان عمْره إحدى عشرة سنة، وهذا يدلُّ على ما كان يَتمتَّع به من الذكاء، والعقل، والرُشْد الفِكْري المُبكِّر، والمؤهِّلات التي منها العدالة والوثاقة والأمانة، والله يَختَصُّ برحمته مَنْ يشاء.
رُوي عن أحمد بن إسحاق قال: سألت الإمام الهادي عليه السلام وقلت: مَنْ أُعامِل؟ وعمَّنْ آخُذ؟ وقَولَ مَنْ أقبَل؟
فقال الإمام: ((العْمري ثِقَتي، فما أدّى إليك عنِّي فَعَنِّي يؤدّي، وما قالَ لكَ عنِّي فَعَني يقول، فاْسمَعْ له وأطِعْ، فإنَّه الثِقَة المأمون)).
و ــ بعد وفاة الإمام الهادي(ع) زادَ الله العمْريَّ شَرَفاً على شرفه، إذْ صار وكيلاً للإمام العسكري(ع) أيضاً.
فقد رَوي عن الإمام الحسن العسكري(ع) أنَّه قال ــ لأحمد بن إسحاق ــ: ((العمْري واْبُهُ ثِقَتان، فما أدَّيا إليكَ عنِّي فَعَنِّي يُؤدِّيان، وما قالا لك فَعَنِّي يقولان، فاسمَعْ لهما وأطِعْهُما، فإنَّهما الثَقَتان المأْمُونان)).
وقد كَتَب الإمام العسكري(ع) كتاباً مفصَّلاً إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، نقتطف منه كلمةً تتعللق بالمترجَم لَه: ((... فلا تَخْرُجَنَّ مِن البَلْدة حتى تَلقى العمْري (رَضِيَ الله عنه بِرِضايَ عنه) وتُسلِّم عليه وتَعْرفه ويَعرفك، فإنَّه الطاهر الأمين، والعفيف، القريب مِنّا وإلينا...))
وروي عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله السجستاني، قالا: دَخَلْنا على أبي محمد الحسن(ع) بِسُرَّ مَنْ رأى، وبين يديه جماعة مِن أوليائه وشيعته، حتى دخل بَدْرٌ خادمُه، فقال: يا مولاي.. بالباب قومٌ شُعْثٌ غُبْر فقال لهم (أي: قال الإمام الحسن لبَدْر: (فاْمضِ فأْتِنا بعثمان بن سعيد العمْري). فما لَبِثنْا إلاّ يسيراً حتى دخل عثمان، فقال له سيِّدُنا أبو محمد(ع): (إمضِ يا عثمان فإنَّكَ الوكيل، والثِقَة المأْمون على مالِ الله، واْقبِضْ مِن هؤلاء النَفَر اليمَنِيَّين ما حَملوه مِن المال)....
ثم قُلنا ــ بأجْمَعِنا ــ: يا سيِّدنا.. والله إنَّ عثمان بن سعيد لَمنْ خِيار شِيعتِكَ، ولقد زِدْتَنا عِلْماً بموضعه مِن خُدْمَتِكَ، وإنَّه وكيلك وثِقَتك على مال الله)؟
قال(ع): (نعم.. واشْهَدوا على أنَّ عثمان بن سعيد العمْري وَكيلي، وأنَّ إبْنَه محمداً وكيلُ إبني: مهْديِّكم).
وروي عن جماعة من الشيعة، منهم: علي بن بلال، وأحمد بن هلال، والحسن بن أيوب، وغيرهم ــ في خبرٍ طويلٍ مشهور ــ قالوا جميعاً:
إجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري(ع) نَسْأَله عن الحُجَّة مِن بعده، وفي مَجْلسِه أربعون رجلاً، فقام إليه عثمان بن سعيد العمْري فقال له: يا بن رسول الله أُريدُ أنْ أسألكَ عن أمْرٍ أنتَ أعْلمُ به مِنِّي؟
فقال الإمام(ع): أُخْبركم بما جِئتُم؟
قالوا: نعم يا بن رسول الله.
قال: (جِئتُم تَسألوني عن الحُجَّة مِن بعدي).
قالوا: نعم.. فإذا غلام كأنَّه قِطْعَة قَمَر، أشْبَه الناس بأبي محمد (العسكري).
فقال: (هذا إمامكم مِن بعدي، وخَليفتي عليكم، أطيعوه، ولا تَتَفرَّقوا مِن بعدي فَتَهلكوا في أدْيانكم.
ألا: وإنكم لا تَرَوْنه بعد يومكم هذا حتى يَتُمَّ له عُمْر، فاْقبَلوا مِن عثمان ما يقوله، واْنتَهوا إلى أمْرِه، واْقبلوا قوله..).
كما وان الإمام العسكري (عليه السلام) كان قد أمر العمري بعد ولادة الإمام المهدي(عج) ــ أنْ يَشتري آلاف الأرطال مِن اللحم والخُبز، ويُوزِّعها على الفُقراء، ويَعقَّ عدداً مِن الأغنام عن وَلَدِه الإمام المهدي(عج).
وكان العمْري يَسكن في بغداد، ويُكثِر السَفَر إلى سامراء لِيلتقي بالإمامين: الهادي والحسن العسكري(ع).
ويُستفاد مِن بعض الروايات أن العمْري حضَرَ تَغْسيل الإمام العسكري(ع) وتَحْنيطه وتَكْفينه ودَفنه. ولا نقول: إنَّه باشَرَ ذلك بنفسه، فالإمام لا يُغَسِّلُه إلاّ الإمام كما هو ثابت. ولا يُهمُّنا إنْ كان التاريخ أهَمَلَ قضية تَغْسيل الإمام المهدي أباه، ولم يتعرَّض لذلك، فالعقيدة ثابتة.. سواء ذَكَرَ التاريخُ ذلك.. أو لم يَذْكُره.
وبعد وفاة الإمام الحسن العسكري(ع) أبقى الإمامُ المهدي(عج) العمْريَّ على وكالته، وعلى هذا.. يُعتبر العمْري النائب الأول للإمام المهدي (عج).
وهكذا.. كان العمْري هَمْزَةَ وَصْلّ بين الإمام المهدي وشيعته، في مُراسَلاتهم وقضاياهم، وصَلِّ مَشاكِلهم.
ويَعلَمُ الله تعالى عدد لقاءاته مع الإمام المهدي(عج) وتَشَرُّفه بالمثول بين يديه، ويَعلم الله كيفية تلك اللقاءات مقدارها يومياً؟ أُسبوعياً؟ شَهْرياً؟ أو حسب الظروف والحاجة، في حين كان الملايين مِن الشيعة محرومين عن هذا الشَرَف، وفاقِدين لهذا التوفيق.
نعم... إنَّ الأمانة والمصلحة كانتا تَفْرضان على العمْري أنْ لا يَبوح بهذا السِرّ للناس، ليبقى السِرُّ مكتوماً ويُدفَن مع صاحبه.
وقد رُويَ أنَّ عبد الله بن جعفر إلتقى بالعمْري ــ بعد وفاة الإمام الحسن العسكري(ع) ــ فأقسَمَ على العمْري وحَلَّفَه قائلاً: فأسألك بحقِّ الله وبحقِّ الإمامين الذَين وثَّقاك هل رأيتَ إبنَ أبي محمد الذي هو صاحبُ الزمان؟
فبكى العمْري مِن هذا الإحراج، واشتَرطَ على عبد الله بن جعفر أنْ لا يخبر بذلك أحداً ما دام العمْري حَيّاً، وقال: قد رأيتُه(ع)... إلى آخركلامه.
وخلاصة الكلام: إنَّ العمْري كان مِن النَوابغ... فِكراً وعقلاً، أضِفْ إلى ذلك مَزاياه الخاصَّة كالتقوى والوَرَع والأمانة، وغيرها مِن الصفات التي جعلَتْه أهْلاً للنيابة الخاصَّة والوكالة العامَّة، فالعمرْري كان مَغْموراً بالسعادةِ وشَرَفِ خِدْمة الأئمة (ع) قبل أنْ يَبلُغ الحُلُم، إلى أنْ فارَقَ حياته السعيدة المبارَكة.
ومِن الواضح أنَّ الأئمة الثلاثة " الهادي والعسكري والحجة" (سلامُ الله عليهم) إنما انتخبوه واختاروه لهذا المنصب الخطير والمكانة السّامية لوجود المؤهلات فيه.
ولقد أمَرَه الإمامُ المهدي(عج) أنْ ينصِب وَلَدَه محمد بن عثمان مِن بعْدِه، ليتولّى الأمور بعده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق